کد مطلب:168103 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:142

جیش الضلال یزحف علی معسکر الحق و الهدی
ثمّ إنّ عمر بن سعد لعنه اللّه وقد آثر العمی علی الهدی،والدنیا الفانیة علی الاخرة، وانقاد مستسلماً لهواه فیها نفر بجیشه لقتال الامام (ع) (فنهض إلیه عشیّة [1] الخمیس لتسع مضین من المحرّم). [2] .


ویقول المؤرخون أیضاً: (ثمّ إنّ عمر بن سعد نادی: یا خیل اللّه اركبی وأبشری! فركب فی النّاس، ثمّ زحف نحوهم بعد صلاة العصر، وحسین جالس أمام بیته محتباً بسیفه، إذ خفق برأسه علی ركبتیه!

وسمعت أُخته زینب الصیحة، فدنت من أخیها فقالت: یا أخی! أما تسمع الاصوات قد اقتربت؟

قال: فرفع الحسین رأسه فقال: إنی رأیت رسول اللّه (ع) فی المنام فقال لی: إنّك تروح إلینا! [3] .

قال فلطمت أخته وجهها وقالت: یا ویلتا!

فقال: لیس لك الویل یا أخیتی! اسكنی رحمكِ الرحمن. [4] .

وقال العبّاس بن علیّ: یا أخی! أتاك القوم!

قال فنهض ثمّ قال: یا عبّاس، إركب بنفسی أنت یا أخی! حتّی تلقاهم فتقول لهم: ما لكم، وما بدا لكم، وتسألهم عمّا جاء بهم!؟

فأتاهم العبّاس، فاستقبلهم فی نحو من عشرین فارساً، فیهم زهیربن القین وحبیب بن مظاهر، فقال لهم العبّاس: ما بدا لكم وماتریدون!؟

قالوا: جاء أمر الامیر بأن نعرض علیكم أن تنزلوا علی حكمه أو ننازلكم!


قال: فلاتعجلوا حتّی أرجع إلی أبی عبداللّه فأعرض علیه ماذكرتم.

قال فوقفوا، ثمّ قالوا: إلْقَهْ فأعلمه ذلك ثم اِلْقَنا بما یقول.

قال فانصرف العبّاس راجعاً یركض إلی الحسین یخبره بالخبر،ووقف أصحابه یخاطبون القوم!

فقال حبیب بن مظاهر لزهیر بن القین: كَلِّم القومَ إنْ شئتَ، وإنْ شئتَ كلَّمتهم.

فقال له زهیر: أنت بدأت بهذا، فكنْ أنت الذی تلكلّمهم.

فقال لهم حبیب بن مظاهر: أما واللّه لبئس القوم عند اللّه غداً قومٌ یقدمون علیه قد قتلوا ذریّة نبیّه (ع) وعترته وأهل بیته (ع)، وعُبّاد أهل هذا المصر المجتهدین بالاسحاروالذاكرین اللّه كثیراً!

فقال له عزرة بن قیس: إنّك لتزكّی نفسك ما استطعت!

فقال له زهیر: یا عزرة، انّ اللّه قد زكّاها وهداها، فاتّقِ اللّه یاعزرة فإنّی لك من الناصحین، أُنشدك اللّه یا عزرة أن تكون ممّن یُعین الضُلاّلَ علی قتل النفوس الزكیّة!

قال: یا زهیر! ما كنت عندنا من شیعة أهل هذا البیت، إنّما كنت عثمانیاً!؟ [5] .

قال: أفلستَ تستدلّ بموقفی هذا أنّی منهم!؟ أما واللّه ماكتبت إلیه كتاباً قطّ، ولاأرسلت إلیه رسولاً قطّ، ولاوعدته نصرتی قطّ، ولكنّ الطریق جمع بینی وبینه، فلمّا رأیته ذكرتُ به رسول اللّه (ع) ومكانه منه، وعرفت ما یقدم علیه من عدوّه وحزبكم!فرأیت أن أنصره وأن أكون فی حزبه، وأن أجعل نفسی دون نفسه حفظاً


لما ضیّعتم من حقّ اللّه وحقّرسول (ع)!

قال وأقبل العبّاس بن علیّ یركض حتّی انتهی إلیهم.

فقال: یا هؤلاء! إنّ أبا عبداللّه یسألكم أن تنصرفوا هذه العشیّة حتّی ینظر فی هذا الامر، فإنّ هذا أمرٌ لم یحر بینكم وبینه فیه منطقٌ فإذا أصبحنا إلتقینا إنْ شاء اللّه، فإمّا رضیناه فأتینا بالامر الذی تسألونه وتسومونه! أو كرهنا فرددناه.

وإنّما أراد بذلك أن یردَّهم عنه تلك العشیّة حتّیْ یأمر بأمره ویوصی أهله! [6] .

فلمّا أتاهم العبّاس بن علیّ بذلك قال عمر بن سعد: ما تری یاشمر!؟

قال: ما تری أنت!؟ أنت الامیر والرأی رأیك!

قال: قد أردتُ ألاّ أكون!! [7] .

ثمّ أقبل علی الناس فقال: ماذا ترون؟

فقال عمرو بن الحجّاج بن سلمة الزبیدی: سبحان اللّه! واللّه لوكانوا من الدیلم ثمّ سألوك هذه المنزلة لكان ینبغی لك أن تجیبهم إلیها! [8] .

وقال قیس بن الاشعث: أجبهم إلی ما سألوك، فلعمری لیصبُحنّك بالقتال غدوة!

فقال: واللّه لو أعلم أن یفعلوا ما أخّرتهم العشیّة!


قال وكان العبّاس بن علیّ حین أتی حسیناً بما عرض علیه عمر بن سعد قال: إرجع إلیهم، فإن استطعت أن تؤخّرهم إلی غدوة وتدفعهم عنّا العشیّة، لعلّنا نصلّی لربّنا اللیلة وندعوه ونستغفره، فهو یعلم أنی قد كنت أحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار.). [9] .

ویروی الطبری، عن أبی مخنف، عن الحارث بن حصیرة، عن عبداللّه بن شریك العامری، عن الامام السجّاد (ع) قال: (أتانا رسول من قِبَل عمر بن سعد، فقام مثل حیث یُسمع الصوت فقال: إنّا قد أجلّناكم إلی غدِ، فإنْ استسلمتم سرّحنا بكم إلی أمیرنا عبیداللّه بن زیاد، وإنْ أبیتم فلسنا بتاركیكم.). [10] .

أمّا ابن أعثم الكوفی فی روی قائلاً: (...فقال عمر بن سعد: إنّا قد أجّلناهم فی یومنا هذا.قال فنادی رجل من أصحاب عمر: یا شیعة الحسین بن علیّ! قد أجّلناكم یومكم هذا إلی غد، فإنْ استسلمتم ونزلتم علی حكم الامیر وجّهنا بكم إلیه، وإنْ أبیتم ناجزناكم.

قال فانصرف الفریقان بعضهم من بعض.). [11] .


[1] العشيّة: يقع العشيّ علي ما بين زوال الشمس إلي وقت غروبها، كلّ ذلك عشيُّ، فإذا غابت الشمس فهو العِشاء. (لسان العرب، 15: 60).

[2] تأريخ الطبري، 4:315 والاخبارالطوال: 256 والكامل في التاريخ، 3:284 والارشاد: 257، وفي أنساب الاشراف، 3:391: (ونهض ‍ بالنّاس عشيّة الجمعة).

[3] في الفتوح، 5:175-176: (...وقال: يا أُختاه! إني رأيت جدّي في المنام، وأبي عليّاً، وفاطمة أمّي، وأخي الحسن (ع) فقالوا: يا حسين! إنّك رائح إلينا عنقريب. وقد واللّه يا أختاه دنا الامر في ذلك لاشكّ) وعنه مقتل الحسين (ع) للخوارزمي، 1:353 بتفاوت يسير.

[4] في الارشاد: 257: (ليس لك الويل يا أخيّة! اسكتي رحمك اللّه)، وفي الفتوح، 5:176:(فلطمت زينب وجهها وصاحت: واخيبتاه!فقال الحسين: مهلاً، اسكتي ولاتصيحي فتشمت بنا الاعداء!) وانظر:مقتل الحسين (ع) للخوارزمي، 1:353.

[5] مرَّ بنا في وقايع الطريق بين مكّة وكربلاء في ترجمة زهيربن القين (رض) مناقشة وافية لمسألة هذه العثمانية المزعومة التي الصقت بزهير(رض)، تحت عنوان:هل كان زهير بن القين عثمانياً!؟ فراجعها.

[6] هذا التعليل من الراوي، والسبب لاينحصر في هذا كما ظنَّ،بل هناك ما هو أهمّ، فانظر في الاشارة الاتية!.

[7] في الفتوح، 5:178: (فقال عمر: إنني أحببت أن لاأكون أميراً! قال: ثمَّ إنّي أُكرهتُ!) وفي مقتل الحسين (ع) للخوارزمي، 1:354: (إني أحببت أن لا أكون أميراً! فلم أُترك وأكرهت!).

[8] في الفتوح، 5:178-179:(فقال رجل من أصحابه يُقال له عمرو بن الحجّاج: سبحان اللّه العظيم! لو كانوا من الترك والديلم وسألوا هذه المنزلة لقد كان حقّاً علينا أن نجيبهم إلي ذلك، وكيف وهم آل الرسول محمد(ص) وأهله!؟ فقال عمر بن سعد: إنّا قد أجّلناهم في يومنا هذا..).

[9] تأريخ الطبري، 4:315-317 وانظر:الكامل في التأريخ، 3:284-285 وانظر: أنساب الاشراف،3:392-393، والاشاد: 257-258 وانظر: الفتوح، 5:175-179 وعنه مقتل الحسين (ع) للخوارزمي، 1:253-254. بتفاوت وإضافات!.

[10] تاريخ الطبري، 4:317، وفي الارشاد: 258: (ومضي العبّاس إلي القوم، ورجع من عندهم ومعه رسول من قبل عمر بن سعد لعنه اللّه يقول...).

[11] الفتوح، 5:179 وانظر مقتل الحسين (ع) للخوارزمي،1:354-355 بتفاوت.